Uncategorized

معالجة حقوق الأبناء قبل الطلاق، حماية وأمان

15 مارس, 2020 بواسطة - ConsultantMohammad

مقال صحفي في صحيفة الرياض في يوم الأحد بتاريخ 20 رجب 1441هـ الموافق 15 مارس 2020م.

مع تفشي حالات الطلاق في المجتمع ومن خلال سجل القضايا في المحاكم تكثر قصص تهرب بعض الآباء من مسؤولياتهم بعد الطلاق، حيث يتهرب بعض الآباء من الالتزام بالنفقة على عائلته حين تكون المطلقة أحوجَ ما تكون لنفقة تسد احتياجاتها واحتياجات أبنائِها، وتشهد المحاكم السعودية خلافات وتنازعات كثيرة حول حضانة الأطفال بعد الطلاق، فالحضانة من الموضوعات الشائكة، والتي قد يكون لها تداعيات كبيرة على الأطفال وعلى حالتهم النفسية.

إن الخلافات حول حقوق الطفل بعد الطلاق باتت أكثر صعوبة من الطلاق نفسه، لهذا تحتاج هذه الحقوق إلى اتفاقات بين الطرفين للوصول إلى هدف رئيس وهو التوصل إلى ما فيه مصلحة الطفل للحفاظ على كيان الأسرة، فالأسرة تعد ركيزة أساسية، واللبنة الأولى في كيان هذا المجتمع، وبصلاح الأساس يصلح البناء.

وفي هذا الإطار أصدر وزير العدل د.وليد الصمعاني قراراً بتعديل اللوائح التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية بما يُسهم في إنهاء مشكلات الطلاق وآثارها على الأولاد، وللحفاظ على كيان الأسرة وحمايتها.

وتضمّن التعديل حسم قضايا الحضانة والنفقة والزيارة قبل انفصال الزوجين بالصلح خلال 20 يوماً، أو بنظرها أمام القاضي خلال مدة لا تتجاوز 30 يوماً من تاريخ الجلسة الأولى.

ومن المتوقع أن يسهم هذا القرار في حماية الأسرة، ودعم وتحقيق مصالح الأطفال من دون اعتبارهم طرفًا في أي خلاف ينشأ بين الزوجين، وكذلك التخفيف من تعميق المشكلات بتعدد القضايا بعد الانفصال، والمساهمة في الحد من تدفق القضايا على المحاكم.

تأثير نفسي

وقالت أمل العواجي -اختصاصية اجتماعية-: إن هناك تأثيراً اجتماعياً ونفسياً لدى الطفل حول الخلافات التي تحصل نتيجة الطلاق والمتعلقة بحقوق الطفل كالمنازعات بين الطرفين للحصول على الحضانة وما يسببه ذلك من تشتت نفسي لدى الطفل، بل والإحساس بعدم الأمان والاستقرار وفقدان الثقة بمن حوله مؤدياً ذلك لانعزاله عن المجتمع، مضيفةً أن القرار سوف يسهم في الحد من المشاكل الاجتماعية التي يتركها الطلاق، حيث يساعد القرار الطفل والأهل في تهيئتهم نفسياً لوضعهم الجديد بعد الطلاق باتفاق الطرفين على حقوق الطفل من دون مشاكل، وبعدها يتم إخبار الطفل تدريجياً بموضوع الطلاق، مبينةً أن القرار يتضمن إجراءات حازمة حول حقوق الطفل بعد الطلاق، مما يسهم في التفكير مطولاً وبشكل أكثر حزماً في موضوع الانفصال، وهو ما قد يحد من حالات الطلاق مستقبلاً، مُشددةً على ضرورة زيادة وعي المقبلين على الزواج بحضورهم لدورات مكثفة عن مرحلة الزواج لمعرفة طريقة التعامل مع المشكلات الأسرية لتفاديها، كذلك لجوئهم إلى شخص مؤهل كالأخصائي الاجتماعي قبل اتخاذهم قرار الطلاق.

عدالة ناجزة

وأشاد عبدالكريم الشمري -محامٍ وقاضٍ سابق بوزارة العدل- بالقرار، مضيفاً أن وزارة العدل تمر بحقبة انتقالية نوعية بمختلف أنواع القضايا وبمختلف درجات التقاضي، وعلى ضوء ذلك نرى الوزارة متمثلة بوزير العدل تبذل جهوداً بالتعديلات الجديدة على اللوائح التنفيذية، ومما لا شك فيه أن هذه التعديلات تساهم على “العدالة الناجزة” من جهة تحديد الاختصاص؛ لئلا يحصل تدافع اختصاص بين عدة محاكم ودوائر، ولأجل تقارب الجلسات للحصول على نتيجة ترضي أطراف الخصومة من عدم إطالة أمد التقاضي.

ومع ما تشهده محكمة الأحوال الشخصية من قضايا كثيرة من تهرب بعض الآباء من المسؤوليات تجاه الأبناء بعد الطلاق، رأى أن القرار يكفل حقوق الأبناء، وذلك بناء على ما أصدرته وزارة العدل من قرارات سواء إنشاء صندوق النفقة بمراحله الثلاث، وإلزام الزوجين بإنهاء قضاياهم عند الطلاق لدى المحكمة، مما يُسهم بتخفيف معاناة الأسر من تهرب الأب من النفقات الواجبة وإنهاء الحياة الزوجية وترك الأسرة بلا عائل.

إجراءات متخذة

وتطرق الشمري حول الآليات والإجراءات المتخذة ضد المماطلين من بعض الآباء في تنفيذ الأحكام الصادرة من المحكمة ولا سيما النفقة قائلاً: للأبناء حقوق ومن ضمن حقوقهم الإنفاق عليهم، وأن أي مماطلة تجعل الأب تحت طائلة العقوبة بموجب عدة أنظمة ومنها: تجريمه بموجب نظام حماية الطفل ونظام الحماية من الإيذاء ونظام التنفيذ وغيره، والعقوبات التي ستواجهه ستكون ما بين سجن وغرامات، مشيراً إلى أنه سيكون بمواجهة الجهات الحكومية عندما يشمل أبناءه صندوق النفقة، وهو سيحرك دعاوى ضده بالمطالبة بما تم دفعه بأثر رجعي وغيره من تبعات قانونية.

تسهيل ورقي

وأيّده بالرأي سعد مبروك الكاني – محامٍ- مؤكداً على أن القرار سوف يساهم في التسهيل على المستفيدين ورقي الخدمات القانونية، ويضرب ذلك بمثال الإجراءات والعمليات الخاصة بدفع المستحقات المالية المترتبة على أوامر المحاكم بتنفيذ السندات التنفيذية، ذاكراً أنه كان في غاية الصعوبة، والآن يتم عن طريق نظام سداد الإلكتروني من حساب المنفذ ضده من دون الحاجة إلى مراجعة المحكمة أو شيكات أو أوراق نقدية، وهذا برأيه ينعكس على تسهيل وسرعة إجراءات السداد وتحصيل أموال التنفيذ وزيادة مستويات الضبط والرقابة وبالتالي راحة المستفيدين التامة، لافتاً إلى أن الأطفال يحظون برعاية كريمة من الدولة مثل وجود نظام خاص بحماية الطفل، ولكن القرار الجديد إضافة رائعة جداً، فهو يختصر الوقت والجهد، ويشعر بالجدية، والحزم، ويحد من طول أمد القضايا الأسرية وتشعبها، والمؤمل عند تطبيقه أن يقضي على تهرب الآباء ومماطلتهم، مما يكفل للأبناء حياة كريمة مالياً ونفسياً واجتماعياً، كما أنه يقضي تماماً على تعدد القضايا الأسرية، وكثرة المواعيد، والتباعد بين أوقات الجلسات.

وقت قياسي

وأوضح الكاني أن مشكلة مماطلة بعض الآباء قد حلت منذ إنشاء صندوق النفقة للمطلقات والأبناء، الذي يرتبط مباشرة بوزير العدل، وله شخصية اعتبارية وميزانية مستقلة، ومن أبرز مهام هذا الصندوق، ضمان صرف النفقة للمستفيدين من دون تأخير، وصرف النفقة المؤقتة للمستفيد المستحق قبل صدور الحكم بصرفها، إلى جانب صرف نفقة مؤقتة لمن صدر له حكم قضائي باستحقاقها ولم ينفذ، ويعود الصندوق على الزوج المحكوم عليه بالنفقة، لسداد المبلغ المحكوم به عليه، والذي سبق أن دفعه الصندوق نيابة عنه، وهذا قمة الرقي والعناية بالطفل، حيث قد أوضح وزير العدل أن صندوق النفقة ستكون له موارد مالية رئيسة منها الأموال التي تُسهم بها الدولة كالإعانة، والتبرعات والمنح والهبات والوصايا والأوقاف، وأي موارد أخرى يقرر مجلس إدارة الصندوق قبولها، لافتاً إلى أن الصندوق يهدف إلى تفعيل الدور المؤسسي الاجتماعي، بحيث يكون صندوق نفقة مستدام يُسهم في تحسين جودة المعيشة، وضمان العيش الكريم للمرأة والطفل، وتوفير الدعم المادي اللازم لها وأولادها خلال فترة التقاضي.

وأضاف أن القرار سوف ينهي المعاناة من جميع مشكلات الأسرة من الطلاق أو الخلع أو فسخ النكاح وآثارها على الأطفال، ويسهم في الحفاظ على كيان الأسرة وحمايتها ويحسم قضايا الحضانة والنفقة والزيارة قبل انفصال الزوجين بالصلح أو بالقضاء خلال مدة لا تتجاوز 30 يومًا من تاريخ الجلسة الأولى، وهذا وقت قياسي لم يكن في السابق يكفي لقضية واحدة من هذه القضايا.

أكتب تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *