Uncategorized

ما تأثير أزمة كورونا على الالتزامات التعاقدية ؟

30 مايو, 2020 بواسطة - ConsultantMohammad

مقال صحفي في صحيفة الرياض في يوم السبت بتاريخ 7 شوال 1441هـ الموافق 30 مايو 2020م.

أثَّرت الإجراءاتُ الاحترازية، التي اتخذتْها معظمُ دول العالم تفادياً لانتشار فيروس كورونا المستجد، على الأنشطة التجارية بعد الحظر الكلي أو الجزئي، خصوصاً بعد تعليق رحلات السفر الدولية والمحلية، حيث انعكس ذلك بشكل مباشر على الالتزامات التعاقدية التي ربما تمسُّ قطاعاتٍ أكبرَ من غيرها.

يوضح المحامي عبد الكريم بن حسن الشمري – قاضٍ سابق – أن العقود في الفقه الإسلامي متعددةٌ وتقسيماتها كثيرة من حيث الطبيعة؛ مشيراً إلى أن العقود التي ستتضرر من حيث التقسيم هي العقود ذات الخسائر المادية الكبيرة والضرر فيها جسيم، مستبعداً أن هناك مَن سيتجه لساحات القضاء بسبب خسارته بضع آلاف من الريالات خصوصًا في العقود التجارية التي تشترط رفعَ الدعوى عن طريق محامٍ – حسب نظام المحاكم التجارية الجديد – في ظلِّ ازدحام المحاكم التجارية وارتفاع تكاليف التقاضي من أجور المحامي أو الممثل القانوني.

وصنَّف حالاتٍ عقدية ستتعثرُ في تنفيذ الالتزام: كالعقود الإيجارية، وعقود التوريد، وعقود السمسرة، والوكالة بالعمولة، وعقود الخدمات؛ كالنقل والتعليم، فغالبية هذه العقود تعثُّرُها بسبب ما ذكرنا من توقف بعض الأنشطة غير المستثناة من الحظر، وكان تنفيذ الأعمال مستحيلاً بسبب القوة القاهرة أو صعُبَ تنفيذُه بسبب الظرف الطارئ، فهي التي ستكثر مطالباتُها في المحاكم أو جهات التقاضي البديلة؛ كالمصالحة عبر منصة “تراضي” التابعة لوزارة العدل، وتهدف هذه المنصاتُ إلى تسهيل عملية المصالحة بين الأطراف وتحفيزهم بتقريب وجهات النظر للوصول إلى اتفاق مُرضٍ للأطراف أو بطرق فضِّ المنازعات البديلة؛ كالوساطة والتحكيم بالقطاع الخاص، سواء كان مذكوراً في العقد العمل بالطرق البديلة وسبُل فضِّ المنازعات في تلك العقود التجارية أو يتم الاتفاقُ عليها لاحقاً؛ لكون المحاكم قد تطول إجراءاتُها بعد استئناف العمل بها، وكثيرٌ من رجال الأعمال يرغب في الطرق البديلة العاجلة؛ فالأمر يعود أولاً وأخيراً لصاحب القرار ذي الشأن والجهات ذات العلاقة لتنظيم هذه التعاملات والتخفيف من هذه الآثار.

وعاد الشمري للإشارة إلى العقود الأبرز تعثراً وهي التي تتضمن شرطاً جزائياً في بنودها عند عدم تنفيذ أعمال محددة أو الانتهاء بوقت معين، ليوضح بقوله: لابد من الإيضاح الكامل عن سبب عدم الإيفاء بالبنود، وهل كان جرَّاء القوة القاهرة باستحالة تنفيذ العمل، أو تأثره وصعوبته لظرف طارئ بحيث لا يمكن تنفيذُ الأعمال المحددة أو عدم الالتزام بالزمن المحدد، ففي هذه الحالة ستسقط كافةُ التبعات القانونية جرَّاء الشرط الجزائي إن تعذر التنفيذ أو تأخر.

ولفت إلى قرار “مجمع الفقه الإسلامي” الخاص بالشرط الجزائي ومن ضمن قراراته في عقد الاستصناع ما نصُّه: “يجوز أن يتضمن عقدُ الاستصناع شرطًا جزائيًّا بمقتضى ما اتفق عليه العاقدان ما لم تكن هناك ظروفٌ قاهرة”، فنصُّ قرارهم أن الشرط الجزائي يسقط إن حصلت ظروف قاهرة، وأيَّدت هذا القرار هيئةُ كبار العلماء في المملكة كما جاء في مجلة البحوث الإسلامية بعد مناقشة البحوث حول الشرط الجزائي: “فإن مجلس الهيئة قرَّر بالإجماع أن الشرط الجزائي الذي يجري اشتراطُه في العقود، شرطٌ صحيح معتبر ويجب الأخذ به، ما لم يكن هناك عذرٌ في الإخلال بالالتزام الموجب له”، فكذلك نصُّ قرارهم على أن العذر يُسقط الشرط الجزائي، مختتماً: إن التعاقدات العمالية تمَّ حسمُ النزاع من قِبل “المنظم” في غالبية هذه المنازعات ولكن بقيَ الأمرُ في الأنشطة التجارية، وتحديداً التي وقع عليها ضررٌ بالغ وخسائرُ فادحة لا يمكن تحمُّلها حيث تُقدَّر هذه الخسائر بمئات الآلاف أو بالملايين، فهذه كثيرة ولا يمكن تصورُها، لاسيما في ظل استمرار جائحة كورونا.

أكتب تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *