Uncategorized

منظومة التشريعات، تأصيل وتأكيد على دور المملكة في حماية حقوق الإنسان

12 فبراير, 2021 بواسطة - ConsultantMohammad

مقال صحفي في جريدة الرياض في يوم الجمعة 30 جمادى الثاني 1442هـ الموافق 12 فبراير 2021م.

أكد حقوقيون لـ”الرياض” أن منظومة التشريعات المتخصصة الجديدة (المعاملات المدنية، الأحوال الشخصية، العقوبات التعزيرية، والإثبات) تعكس حرص القيادة الرشيدة على تعزيز مدنية الدولة بما يسهم في زيادة الموثوقية في الإجراءات النظامية والقضائية وتحسين آليات الرقابة عليها. وأن التشريعات الجديدة جاءت بعناية من خادم الحرمين الشريفين وإشراف مباشر من سمو ولي العهد، وتشكل نقلة نوعية في البنية التشريعية في المملكة بدءًا من صياغة مشروع النظام وحتى اعتماده ومن ثم تنفيذه وتأتي في إطار منظومة الإصلاحات التي تبنتها رؤية 2030 لرفع كفاءة الأنظمة وتعزيز الحقوق وتحسين جودة الحياة وتعزيز النزاهة والارتقاء بالخدمات وحماية حقوق الإنسان.

نقلة نوعية

وفي السياق قال خالد الفاخري الأمين العام للجمعية الوطنية حقوق الإنسان إن الإصلاحات التشريعية التي أعلن عنها سمو ولي العهد تعتبر نقلة نوعية في البيئة الحقوقية بالمملكة وذلك من خلال إيجاد أنظمة تنظم حياة الأفراد وتعالج الإشكاليات التي تواجه الأفراد في حياتهم اليومية سواء في نظام الأحوال الشخصية مثل وضع الأسرة ابتداء من بداية الحياة الزوجية وآلية الزواج وما يترتب عليه وكيفية حماية المرأة فيما يتعلق بتقرير مصيرها في الزواج من عدمه وسيقضي على مسائل العضل ومسائل النفقة وما يترتب عليها والحقوق المترتبة عليها والتي ينظمها نظام الأحوال الشخصية وإنهاء الحياة الزوجية والطرق النظامية والشرعية والتي على أساسها يتم إنهاء هذه العلاقة الزوجية تم إيضاحها ببنود نظامية وفق الضوابط الشرعية بقوالب نظامية تكون أكثر فهما ووضوح للعامة، وفيما يتعلق بحق الميراث وما يترتب عليه من إجراءات وحقوق ومن خلال هذه الإصلاحات التشريعية نظمت وفق مشروع هذا النظام. بالإضافة لنظام المعاملات المدنية بين الأفراد والتي كان يطغي عليها الأسلوب العشوائي فيما يتعلق بالتعامل وعدم المعرفة بالآليات النظامية وما يحق لكل طرف بحصوله على حقوقه على أرض الواقع، وأصبح هناك نظام يوضح مالهم وما عليهم فيما يتعلق بالبيع والإيجار وتسجيل أملاكهم والوكالات الشرعية وقواعد الإثبات والتي تختلف باختلاف الشخص العالم بخلفيات الإثبات والجاهل به والتي تمكن كل شخص من معرفة حقه وحمايته من التجاوزات.

وحول نظام العقوبات التعزيرية والتي تخضع لقواعد شرعية ونظامية واضحة فإن وجودها في قالب نظامي ينظمها ويوضحها بشكل أكبر ويقضي على التفاوت في الأحكام وينظم مسائل التعامل فيما يتعلق بالأجانب ويؤدي لحماية المجتمع من وقوع أو تعرض أفراده للإشكاليات إلا إذا كانت معروفة العقوبة مسبقا أو نظامها الشرعي والنظامي تكون أداة في منع وحد الناس من ارتكاب الجرائم بمعرفتهم العقوبة التي ستطبق بحقهم مما سيجعلهم يبتعدون عن ارتكاب الجرائم والأمثلة كثيرة في ذلك من خلال الأنظمة التي نظمت وصدرت بعض السلوكيات وقوابلها النظامية والعقوبات المقررة عليها ولاحظنا أنها ساهمت في الحد من تزايد أعداد الجرائم وبذلك أصبحت أداة وقائية في حماية المجتمع وفي نطاق آخر أصبحت أداة حقوقية للقضاء على التفاوت في الأحكام التعزيرية وأصبح هناك ضمان بأن معايير العدالة هو المطبق لقضايا الأجانب والذي تسعى له المملكة دائما لكفالته وحمايته للأفراد المقيمين على أراضيها.

وأضاف قائلا بالنظرة الشمولية لما أعلن عنه سمو ولي العهد في منظومة الأنظمة الحديثة فهذا يعطي نظرة عامة بأن مشاريع الأنظمة هي تأصيل وتأكيد على دور المملكة في حماية حقوق الإنسان على أرض الواقع وكفالة حقوق الأفراد والإنسان بما يمكنهم في العيش حياة كريمة دون إشكاليات قد تواجههم أو دون وجود فراغ تشريعي في مجال معين لا ينظم حياتهم وهذا يعطينا نظرة عامة بأن الدولة وقيادتها حريصة دائما ونصب عينها حقوق الإنسان وحقوق الأفراد المقيمين على أرضها ويتمثل هذا الحرص وهذه الرعية من خلال تلمسهم لاحتياج الأفراد لأنظمة تنظم حياتهم والبحث عن أنظمة تساهم في المزيد من الضمانات وتوفير الحياة الكريمة لهم وضمانات حقوقية تضمن حقوقهم وفق ما نص عليها النظام الأساسي للحكم في المملكة والقائمة على أحكام الشريعة الإسلامية والدولة وقيادتها رعاها الله تطبق أحكام الشريعة الإسلامية وتعالجها وفق قوالب نظامية لا تخرج عن الإطار الشرعي والهدف منه المساهمة في وضع آلية سهلة التطبيق والتعامل وواضحة للجميع للاستفادة من هذه الأنظمة وفق الشريعة الإسلامية ووفق رؤية هذا الوطن الذي يحرص على كرامة الإنسان في حماية حقوقه.

مطلب تاريخي

وقال المحامي ماجد قاروب رئيس مبادرة تكامل للمعونة القضائية إن هذه التشريعات المتخصصة الجديدة في غاية الأهمية لأنها ستؤدي لإصلاح جذري لسلطات الدولة الثلاثة لأنه من دون الإصلاحات التشريعية للأنظمة والقوانين يكون هناك اختلال خطير تسببه ضعف التشريعات لأنها تترك السلطة المطلقة أمام السلطة القضائية باتخاذ ما تراه مناسبا وفق قناعاتها الشخصية والفردية لانعدام الدقة التشريعية في إيضاح العقوبات والجزاءات والغرامات وهذا كان السبب الأساسي الذي أدى للتباين في الأحكام ما بين كل محكمة في منطقة وكل قاض في نفس المحكمة لأن قناعاته وتجاربها الشخصية هي التي تحكمت في وجدانه القضائي في غيبة عن تحييد سلطة القاضي في اتخاذ ما يراه مناسبا من عقوبات تتناسب مع القضايا المنظورة أمامه سواء كانت قضايا تجارية أو جنائية وغيرها من القضايا والأحكام وما يعزز ذلك انعدامها للأخذ بالسوابق القضائية والتي كانت تعاني من ضعف التثبيت والتي غلبت الاجتهاد الشخصي للقضاة في النظر في الأحكام ولذلك نجد في تعليق سمو ولي العهد بأن مدونة الأحكام القضائية ليست بتلك الجودة التي تحقق المبتغى من المدونة في تثبيت قواعد ومبادئ يلتزم بها القضاء والقضاة ولذلك جاء هذا الإصلاح التشريعي والذي سيحد من سلطة القاضي والسلطة القضائية في الأخذ بالمعطيات الشخصية في نظر القضايا وهو ما أكد عليها سابقا معالي وزير العدل في تصريحه بأن اجتهاد القاضي يجب أن ينحصر في ذكر الوقائع كما هي في صحيفة الأوراق والمستندات وألا يجتهد في التبحر في إمعان رأيه الشخصي على حساب الأنظمة والقوانين وبالتالي نحن أمام تأصيل مكافحة الفساد لأنه يعالج القاعدة التي تؤدي إلى الاختلال وهو الضعف في التشريعات التي تؤدي إلى اختلال عمل المؤسسات ذات العلاقة وفي مقدمتها وزارة العدل وكل الأجهزة ذات العلاقة بالشأن القضائي والقانوني والحقوقي بما فيها النيابة العامة التي كانت تحتاج إلى هذه القواعد التشريعية الدقيقة التي توحد المعايير والمبادئ والأسس والقيم التي يعمل عليها كافة العاملين في الدورة القضائية والحقوقية ابتداء من مرحلة الضبط لدى أجهزة الضبط ومن ثم إلى أجهزة التحقيق والادعاء العام في النيابة العامة وصولا إلى الأحكام القضائية أمام المحاكم فأصبح الجميع أمام رؤية موحدة مبادئ واحدة وأسس ثابتة لا تخضع لاجتهادات القضاة والقضاء وبالتالي نحن أمام عصر وكيان جديد سيعظم من مبتغى الوصول للعدالة ونفاذ القانون وسيادتها بشكل عام مؤكد على أن هذه التشريعات الإصلاحية كانت مطالب تاريخية لرجال القانون والمحامين والجمعيات الخيرية التي تعمل في مجال حماية الأسرة والمرأة والطفل.

رفع جودة الأحكام

وأشار المحامي والمستشار القانوني عبدالكريم الشمري أن إعلان سمو ولي العهد قائد رؤية 2030م لمنظومة التشريعات المتخصصة، بإقرار مشروعات الأنظمة الجديدة وهذه الأنظمة تتمثل في مشروع نظام الأحوال الشخصية، مشروع نظام المعاملات المدنية، مشروع نظام الإثبات، مشروع النظام الجزائي للعقوبات التعزيرية. وهي خطوة جديدة للإصلاحات التي ستُسهم في عدة أمور، من ضمنها تنظيم الأحكام والتعاملات بين الأفراد والمجتمعات. تقليل أمد التقاضي والتخفيف من كثرة الخصومات وزيادة وعي المجتمعات بالثقافة القانونية وتعزيز الحيادية والنزاهة. لافتا إلى أن أبرز الإشكاليات في هذا الجانب والتي تعاني منها الجهات هو اختلاف الأحكام وتفاوتها بحسب اجتهاد وآراء مُصدريها بناءً على دراسة دور الخبرة والمختصين وانتمائهم الفقهي ودراستهم بحسب عرف كل منطقة؛ مما جعل هناك اختلافًا في بعض هذه الأحكام. وهذا التنظيم سيُسهم في رفع جودة الأحكام والارتقاء بالخدمات، وحماية حقوق الإنسان، وتحسين العلاقة بين الأفراد والمجتمعات، وتعزيز النزاهة والحيادية.

وأضاف كما هو معلوم أنه لا تكاد توجد مسألة في الفقه الإسلامي بين المذاهب إلا وتجد فيها خلافًا، إما خلافًا سائغًا أو غير سائغ، بل أحيانًا الخلاف يكون في ذات المذهب الفقهي بأن توجد فيه عدة روايات أو أوجه في مسألة واحدة. وبالتالي فهذا المشروع ينظم هذه الاختلافات ويضبطها بأخذ مبدأ محدد يكون فيه مصلحة للأفراد والمجتمعات ومبني على رأي معتبر.

وأشار قائلا بالنظر لمشروع نظام الأحوال الشخصية نجد هنالك بعض القضايا يحصل فيها خلاف في مختلف المناطق بحسب العُرف وبحسب المصلحة وبحسب اجتهاد الخبراء وغير ذلك؛ مما يجعل اختلاف الأحكام وتفاوتها في مختلف المناطق بحسب الرأي الفقهي وبحسب عرف البلد، وهذا الاختلاف يُحدث تساؤلات واضطرابات في الوسط المجتمعي لكل منطقة، وهذا المشروع سيجعل العلاقة تطرد في جميع مختلف مناطق المملكة وتتوحد الآراء وفق منهجية واضحة ودون استغلال هذه الاختلافات بالقدح بالأحكام ومُصدريها. وبالنسبة لمشروع نظام المعاملات المدنية فإنه سيكون منظمًا للتعاملات بين الأفراد، وسيحد من التكاليف القضائية سواء على الجهات الحكومية أو على الأفراد والمؤسسات؛ بسبب إطالة أمد التقاضي والمصاريف المبذولة بسبب ذلك.

وحول مشروع النظام الجزائي للعقوبات التعزيرية، أشار موضحا أحب أن أشير على أن العقوبات التعزيرية الأصل أنه لا يوجد فيها نصٌّ محدد في العقوبة شرعًا، فاختلاف الأحكام يسبب حرجًا كبيرًا على المنظومة العدلية بسبب اختلاف اجتهاد مصدري الأحكام، وظروف وملابسات القضايا، فلا تكاد نجد قضية تشبه الأخرى، فهذا النظام سيحقق العدالة الجنائية وفق مبادئ مستقرة ونظريات حديثة. وبالنسبة لمشروع نظام الإثبات فهو تطور كبير في مجال إثبات الحقوق في التعاملات المدنية والتجارية، فإقرار هذا النظام تضمن أدلة حديثة: كالأدلة الرقمية ووسائل الإثبات الحديثة، فمما لا شك فيه أن مشروع منظومة التشريعات المتخصصة واعتماده، سيساهم في تطوير البيئة العدلية، ويضمن الحقوق وينظم العلاقة بين الأفراد والمجتمعات مؤكد على أن مزايا هذه التشريعات أنها ستعزز من عدة مبادئ، وهي الشفافية والوضوح والنزاهة والحياد ونشر الوعي القانوني في الوسط المجتمعي، بقواعد مستقرة خالية من الغموض والإشكاليات، فبمجرد إقرار هذه الأنظمة فسيستقر في أذهان كل فرد مبادئ وقواعد هذه الأنظمة، وتتوارثها الأجيال، وسيعرف كل صاحب حق حقه.

حماية حقوق الأسرة

وعلقت المحامية بيان زهران على الأنظمة المستحدثة التي وجه بها سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان: قائلةً نحن كمحامين وعاملين في المجال العدلي والقانوني نجد أن هذه الأنظمة تطويرا حقيقيا ومهماً للمنظومة العدلية، وأن توجه سيدي سموه في مكانه تماما، فعلى سبيل المثال لقد كان العمل المنظور بقضايا الأحوال الشخصية، قائم على الأراء الفقهية والقرارات الصادرة من مجلس القضاء الأعلى والمبادئ العدلية وأيضا على السوابق القضائية، وأكملت زهران أنه مع وجود نظام متعلق بالأسرة فإن ذلك يحمي الأسرة ويحقق وحدتها بشكل أفضل للحفاظ على حقوق الأسرة والطفل والمرأة ورب الاسرة، مما ينتج عنه حماية الأسرة بشكل عام، وأيضا من جانب آخر فإن صدور هذا النظام سوف يحقق لأطراف العلاقة الزوجية الإحاطة بأركان عقد الزواج وشروط صحته والواجبات والالتزامات التي تترتب عليه، وبالتالي الحد من النزاعات التي قد تنشأ داخل الأسرة نتيجة لعدم الإحاطة بذلك. كما أن ووجود النظام له فوائد في مسألة عدم اختلاف الأحكام القضائية بين قضية وأخرى.

تقنين القانون

وترى الكاتبة والمحامية دلال حمود بن نادر أن ما قام به سمو ولي العهد محمد بن سلمان -حفظه الله- من سلسلة إصلاحات قائمة على أساس العدل في شتى القطاعات كانت بادرة ملحوظة في العالم أجمع ومحسوسة بيننا كسعوديين بتقدمها في كل قطاعات الدولة، ومؤخراً في تطوير منظومة التشريعات، والتي بها يتم تقنين القانون وكما يعلم جميع القانونيين بالمملكة بأن تطوير القضاء واحترام القضاء لا يأتي سوى بالقانون المكتوب نصاً لأنه يعمل على تقصير فترة التقاضي وسهولة إمكانية التنبؤ بالأحكام ورفع مستوى النزاهة للحد من الفردية في إصدار الأحكام، وهذا هو أساس العدل في الأحكام القضائية والأكثر إنصافاً لكل أطراف النزاع، كما أن تقنين القانون يجعل البت في القضايا أسهل بالنسبة للقاضي، ومع رؤية 2030 التي تتسارع نحوها المملكة بخطواتها، كان التطلع للمستقبل أسرع وأكثر جودة من أن يكون القضاء متروكاً لفكر القاضي، بل أصبح الآن ومع تدوين الأحكام القضائية أصبحت سلطة القاضي محددة في فصل الخصومة وجزء كبير من مهمته هو إيقاع النص القانوني الصادر من السلطة التشريعية على الواقع، ولربما في السابق كانت فترة التقاضي طويلة جداً كونها تتعلق بالسلطة التقديرية للقاضي وكلما زادت المساحة التقديرية للقاضي زادت بشكل سلبي على الاداء القضائي بشكل عام ، ولكن الآن ولله الحمد أصبحت السعودية تملك قضاء واضحاً يمكن حتى من هم خارج المملكة التعرف عليه كونة مدوناً وسلس في التعامل لكل أفراد المجتمع.

أكتب تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *